(حنان) الجزء الثاني قصة حقيقية
: شوف يا مولانا زي ما أنت شايف أنا وأخواتي
الخمسة ساكنين هنا في الفيلا ومعانا أولادنا وزوجاتنا ، وفي يوم الخميس اللي فات البيت كله كان
معزوم في فرح ولما رجعوا ، مراتي لقيت
دهبها مسروق والمشكلة إن مفيش غيرنا في البيت ، يعني مفيش حد غريب ومستحيل يكون حد من
البيت يكون هو اللي سرقه وفي نفس الوقت مستحيل يكون حد غريب لإن كل حاجة زي ما أنت شايف ، لا كسر ولا تخبيط ، يعني كده الموضوع يحير .ولو ربنا سهلك وعرفنا
اللي عملها ليك حلاوة عندي عشرين ألف جنيه.
: خليها على الله ، هو مفيش حد كان في البيت في اليوم ده ؟
: لا يا مولانا أنا كنت في مأمورية وباقي
البيت كله كان معزوم في الفرح زي ما قلتلك.
: سؤال بس تجاوبني من غير زعل
: ولا يهمك تحت أمرك
:عندكم حد ـ من غير زعل يعني ـ إيده
طويلة ؟
: لا يا مولانا إنت عارف الحمد لله
الحال زي ما أنت شايف ربنا غانينا من وسع والأولاد مش محرومين من أي حاجة .
: سؤال أخير : فيه حد بيدخل البيت
غيركم ؟
: مفيش إلا حنان اللي بتيجي تنظف البيت
ودي معانا من فترة ومحدش مسك عليها حاجة وعموما مش بيتجي إلا وإحنا موجودين
: تمام يا عماد بيه
: الأول يا مولانا تاكلك لقمة وتشرب حاجة لحد ما تستريح من المشوار وبعدين
تشوف شغلك .
: الله يعزك أنا صايم النهاردة ، لكن
عايز منك خدمة بسرعة
: اؤمرني يا مولانا
: عايزك تجمعلي كل أطفال العيلة
عماد بيه متعجبا: كل الأطفال اللي في
البيت ! إشمعنى يا مولانا؟!
:يا عماد بيه مفيش وقت هتعرف بعدين دا شغلي بقى وبلاش عطلة
عماد بيه مبتسما : تحت أمرك يا مولانا
لحظات ودخل عماد بيه مصطحبا معه عدد من
الأطفال ما بين السادسة والثانية عشرة ، تفحصت وجوههم جميعا ووقع الاختيار على أحدهم .طلبت من الأطفال الخروج
عدا ذلك الطفل الذي اخترته ، قبلت رأسه وربت على كتفه لأبث في روعه وروحه الطمأنينة ثم أجلسته بجانبي ، وطلبت منهم إحضار "طست" به ماء وحذرتهم ألا يلمسه أحد وإلا سيذهب مجهودنا هدرا.
لحظات ودخل أحدهم يحمل إناءا واسعا ينتصف بالماء
، ثم وضع الإناء أمامي ، بدأت في قرأءة تعزيمتي
عليه ، دخل الإخوة الرجال ومعهم زوجاتهم ، يدفعهم جميعا الفضول لمشاهدة ما يحدث ،
لكني لم ألتفت إليهم ولم أنشغل بهم ، طلبت من الطفل النظر في الإناء وأن يحكي لي
ما يراه بداخله .
نظر الطفل للإناء مدهوشا وبدأ يقص ما
تراه عيناه قائلا:
فيه واحد خرج من غرفة نوم عمي عماد بيه
، ، لكن من غير هدوم ودخل الحمام ، وفيه ست طلت من باب أوضة نومه وشعرها مكشوف ومش لابسه
حاجة ، طلت شمال ويمين ودخلت الأوضة مرة
تانية .
علت وجه الجميع دهشة ونظر بعضهم لبعض ،
وازدادوا حيرة فوق حيرتهم .
طلبت من الطفل أن يكمل وطلبت من الجميع
الصمت وإلا سيتعرض الطفل للأذى ، ثم أكمل الطفل مهمته قائلا :
: الرجل لسه جوه الحمام والست في أوضة النوم
لبست هدومها ، وبدأت تفتش في الدولاب ، طلعت منه علبة حمرا وخدت الدهب الموجود
فيها وشالته في كيس وحطت الكيس تحت هدومها .
بدأت همسات ولمزات ومصمصات شفاه تتسرب من النسوة الواقفات ، نظرت إليهن متبرما ، فعرفن غرضي ثم سكتن جميعا ولم ينبسن بحرف، ثم استدرت للطفل .
سألته هل تعرف الرجل والمرأة ؟
قال الطفل : المرأة شبه حنان اللي
بتيجي تنضف البيت عندنا
عماد بيه: حنان معقولة ! ، يا بني أنت
متأكد ؟ طب مين الرجل اللي شفته معاها ؟
نظر الطفل إلي عمه متلعثما ثم نظر إلىِ وقال:عمي
ع....
ما كاد ينطق الحرف الأول حتى وضعت يدي
على فمه وأسكته ، لقد تم المراد وعرفنا من
السارقة ، لكن يبدو أن حرف العين الذي نطقه وتلفظ به الطفل فتح باب جهنم ، فالسارقة
هي حنان التي تنظف منزل العائلة و الرجل هو عماد بيه ، فقد كانت تربطه بها فيما
يبدو علاقة واستغل غياب الأسرة في حفل الزفاف ليخلو بها ويستمتع بوقته وفجأة تعالت
الأصوات وتحولت الحجرة إلى ساحة قتال تشابكت الأيدي ووقعت معركة بين عماد بيه
وإخوته وتبادلوا السباب واللكمات وعلا صراخ النسوة وسط العراك ، وقامت قيامة البيت
ولم تقعد ، تطايرت المقاعد هنا وهناك فلم يستقر بشر ولا جماد مكانه وصارت كل
محتويات الحجرة أداوات للقتال ، وإذا بأحدهم يشهر مسدسه مطلقا عدة أعيرة ، بعضها
أصاب الحائط وأحدها أصاب مصباح الغرفة فأظلمت
ولم يعد الخصم يرى خصمه ولا المضروب يستبين
من هو ضاربه .
لملمت عباءتي وكرامتي ثم خرجت من الحجرة مسرعا لأنفد
بجلدي وأطلقت ساقي للرياح لأنجو بنفسي فاقدا الأمل في الحصول على العشرين ألفا المكافأة
فقد أنطفأت نار الفضول لمعرفة السارق وأشتعلت نار الخلاف بعد معرفته ، نزلت درج
السلم كالبرق ، اتجهت للسيارة التي
تنتظرني ألقيت على مقعدها أجفف عرقي بطرف ثوبي، ثم طلبت من السائق أن يذهب بي إلى بيتي على وجه السرعة وحمدت الله على رجوعي
سالما ورضيت من الغنيمة بالإياب .
#تمت
#ياسر الروبي